تسير وحيدا ً /غريباً












تسير وحيدا ً /غريباً

جاد الاسعد - عمّان


هو الطَاعِنُ في الغربة
لم يكبر في وطنه كما يجب كبر على كتف عمّان حين جاء الى فلسطين صبيا ً ولفظه الشارعُ هناك - لإنَ فلسطين سرقت منه ايضا ً - !
هكذا هي العصافير تأتي وترحل سريعة وغريبة مسحوبة من اعشاشها القديمة تنسج عربات من الفسق المرّ كي تترك بصمة ساخنة على رصيف قديم .
لم اتدارك يوما ً شغفي لهذا الرجل كنت انظر اليه من بعيد و كنت اراه غامق الذكريات
يخبأ وطنه في جيبه وعواصم اخرى وفرح غائب ، كان يحلم بأن يرى فلسطين صبية تقلّم اغصان جدائلها كلّ مساء ويشم رائحة الطرقات الضيقة ، جاء الى عمّان فتحت له كلّ ابوابها وزرعته في صدرها على شارع اصبح له وطنا ً اخر ، وطنا ً لايضيق به ولا يتسّع لطفولته .
كان كلّ شغفه بأن يعود الى اي جهة للريح تحمله الى هناك .. الى البعيد عن هنا
كان مشدودا ً بخيط رفيع الى نيروبي و الى القدس
وعمّان وعكّا والمدن الغائبة .
عاش كما لم يكن يدري ، صادق كلّ الوجود وكل الاحذية وكل الجدران
وكان متعاقبا ً في الفصول يلبس البلد القديمة معطفا ً يقيه برد الشتاء ويرتوي من اكواب " عرق السوس " في حرّ الصيف
كان لاشيء .. وكلّ شيء !
انا ادري تماما ً بأن لا طقوس لجنازته تفيض بالورد ، او بالكمنجات السريعة
او بالقطارات العابرة ، او تلك الذكريات السريعة
بضع رفاق " رصيف " رافقوه الى وطنه الاخير ، ودّعوه كلّ بطريقته :
ابو علي القى على قلبه بعضا ً من قصائد الزمن الذي مضى وكتبا ً قديما ً
نبيل شقير ترك له عدّة الحلاقة وخصلات من شعر من احبها ورحلت !
ونبيل ذاك الذي لا يملك شيء ترك له سيجارة وبعضا ً من جرائد قديمة كان يضعها وسائد تحت رأسه على باب مكتبة الامانة !
والرصيف ترك له العربة وحيدة
وانا لم اترك له شيء ..
تركَ الزمان له بعضا ً من الفستق ووطنا ً كان يحلم بأن يعانق ارضه ذات يوم ، لكنّ عمّان حنونة عليه وقريبة كسماره الآخاذ ! ، هكذا كانت هذه الحياة ُ بسيطة لهذا الرجل ولذلك ، حمّص فستقه عند الصباح ، شرب فنجان قهوته اطفأ ذكرياته في منفضة للغبار الخفيف واستقلّ - سرفيس عمّان / سحاب - وسار وحيدا ً بأتجاه عمّان مرّة اخرى .








__
الله ياموت .. حتّى حبات الفستق ؟

0 التعليقات:

إرسال تعليق